مصر والسعودية- محبة راسخة، وشراكة مُلهمة

المؤلف: نجيب يماني10.07.2025
مصر والسعودية- محبة راسخة، وشراكة مُلهمة

بجلال يليق بمقام الهيبة، وبصدق معهود ترسّخ في أعماقه، وبعفوية دون تكلّف، وبنفس سامية في حضرة المقام، وبنوايا صافية، وبمشاعر ودّ صادقة وأليفة، تجلّى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة، على منصة التقريظ والإشادة بمصر، أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، في لحظة تجسّدت فيها معاني الأخوة الحقيقية، والعلاقة المتينة الراسخة، الموشّاة بأواصر المحبة والتقدير والاحترام، والمحفوظة بإدراك المقامات في أبهى صورها، وأعلى مكانتها، ممّا جعل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، حجر الزاوية ومركز الثقل للقضايا العربية والإسلامية، على مرّ العصور والأزمنة.

لقد انطلقت كلمات سمو الأمير عبدالعزيز ارتجالًا من صميم الفؤاد، واندفعت بعفوية دون تكلّف أو تصنّع، لتعبّر عن مشاعر نقية، ومودة صادقة، وتقدير جمّ لـ"كنانة الله" وقائدها وشعبها بأكمله.

كلمات موجزة اختزلت عمق الروابط الوثيقة بين مصر والسعودية، وأظهرت بشكل جليّ المحبة الصادقة التي تجمع بين الشعبين المصري والسعودي، هذه العلاقة المتألقة التي سطعت قبل أن تطأ أقدامنا أرضها المباركة.

ومما قاله سموه بعفوية معهودة: «أتمنى من فخامتكم، ومن منطلق مصريتي التي تعرفونها، أن تسمحوا لي بتقديم تحية للشعب المصري، الشعب المحبوب لنا جميعاً في كل ربوع المملكة العربية السعودية بلا استثناء. لقد كنت أشاهد مسلسلاً اسمه "موضوع عائلي"، وفي نهاية الحلقة الأخيرة غنى أحمد سعد أغنية رائعة بمقدمة بسيطة: ألف تحية للناس الحقيقية، للناس الأصيلة أصحاب النفوس الطيبة».

وأضاف سموه قائلاً: «مصر ليست مجرد بلد جميل، بل هي كلّها شيء جميل».

وسط تصفيق حارّ، علّق الرئيس عبدالفتاح السيسي قائلاً: «لا أستطيع التعقيب بعد هذا الكلام الجميل».

وبدا وكأن سموه، حينما تفوّه بتلك الكلمات الصادقة في تلك اللحظة الفريدة: «مصر مش بس فيها حاجة حلوة، دي كلها حاجة حلوة»، قد علّق في كل بيت مصري فوانيس الفرح الساطع، وأنار في كل قلب ثريات المحبة الدافئة، وفتح "غرفة" خامسة مخصصة للإلفة في أرقى معانيها، والأخوة كما يجب أن تكون، وزاد في كل نفس بهجة وسرورًا، بهذا التقدير المفعم بالمعاني الصادقة، والمحمول على أجنحة اللفظ المعبر عن ودّ لا يخالطه شك، ولا يشوبه تزيين أو مبالغة.

بهذه اللحظات الخالدة في سجلّ الزمن، وبهذه الكلمات المضيئة في حضرة المحبة والتقدير،

تتوطد العلاقات الأخوية الصادقة بين الدول العربية وقياداتها، وتقصر المسافات، وتُمهّد الطرق لإدراك المعاني الكامنة في المواقف، حتى وإن بدت مختلفة في بعض التفاصيل أو الرؤى، فلكل دولة خصوصيتها، وتقديرها، ونظرتها، ولكن الجامع لكل ذلك راسخ في المبادئ، ومترسّخ في الثوابت،

التي لا يمكن الحياد عنها أو التذبذب فيها، وهكذا كانت المملكة ومصر على مرّ العصور والحقب، تحملان هموم الأمة العربية، وقضايا الشعوب الإسلامية، دفاعًا عن حقوقهم، ومناصرة واضحة في المحافل الدولية.

وما ذلك إلا لتقارب الرؤى، وإدراك الأهداف السامية، والغايات النبيلة، والحفاظ على العلاقات الوطيدة، وانتقاء أجمل الكلمات وأحسن المعاني في التواصل، كما فعل الأمير عبدالعزيز في ذلك المحفل، حيث نشر أريج كلماته العفوية، وأثار موجة من التصفيق المعبر عن ودّ متبادل، ومحبة عارمة بين الجميع، ألفة ووئامًا.. فجزاه الله خيرًا من قائل عبّر عن وجدان كل واحد منا، وعن حبه وعشقه لأم الدنيا، التي نسافر إليها بقلوب متلهفة، ونجد في ربوعها الطمأنينة والأمن والسلام والجمال. شروق الشمس فيها يتماشى مع إيقاع الحياة الذي يدب في كل زاوية وركن، حركة دائبة، وصخب يذكرك بقيمة الحياة.

الكلّ يرفع من شأن انتمائه لوطنه بالعمل الجادّ، والجميع يحبونها كمحبة الابن لأمه، انتماء يصل إلى حدّ التقديس. ونيلها العظيم يجري مجراه الأبدي بخطوات الخضرة والنماء والعطاء، شريانًا نابضًا في عروق الأرض. وصدق الشاعر حافظ إبراهيم حين قال عن مصر:

أنا إن قدر الإله مماتي لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي

ما رماني رام وراح سليما مــــــن قديم عناية الله جندي

في القاهرة العزيزة، كل مكان يوحي لك بذكرى وتاريخ وحضارة، وكأنك تتنقل بين صفحات الماضي، وخطوط الحاضر.

في قاهرة المعزّ تجد طعم الكفاح وحلاوة العيش قد تجسّدت في الذاكرة على أنغام الإبداع الذي غمرنا من كل جانب، أدباً وشعراً، وغناءً، ومسرحاً وسينما وعلماً.

وفي هذه الزيارة المباركة لسمو الأمير عبدالعزيز، تم توقيع خطة تنفيذية من أجل "إنشاء برنامج وطني متكامل لكفاءة الطاقة"، يتم خلالها نقل خبرات المملكة إلى مصر، في قطاع الطاقة المتجددة، من خلال مشاريع تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح، بهدف تعزيز القدرات المصرية في مجال الطاقة.

هذه المؤشرات التعاونية، السابقة واللاحقة، تُسكت ألسنة المشككين في التاريخ الطويل والعميق الذي يحفظه الحب والمصالح المشتركة والترابط الإنساني بكل أشكاله.

وتكشف لأعداء السلام والأمن والاستقرار حجم القوة التي تتمتع بها أمتنا العربية، بالنظر إلى ثقل المملكة ومكانة مصر على الخارطة العربية والإسلامية والعالمية. إن أبناء مصر الأوفياء قد تعلّموا من المؤسس، طيّب الله ثراه، وأبنائه الكرام وأحفاده البررة، حب مصر والحرص عليها، ونحن على خطاهم سائرون، فمصر العزيزة ظلت على مرّ العصور رمز الأمن والأمان والسلام، تجاورت فيها الأديان بسلام، وتنوعت على أرضها الأفكار والأيديولوجيات دون إقصاء أو تهميش أو ازدراء.

ولو مشت مصر نحو مكة شبراً

لمشت مكة إلى مصر ميلاً

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة